الجمعة، 14 يناير 2011

لوفكرافت - أيقونة الرعب الخالدة


هوارد فيليبس لوفكرافت Howard Phillips Lovecraft كاتب أمريكي اختص بكتابة روايات الرعب و الخيال العلمي حيث خلطهم في مزيج فريد من نوعه قل من يكتب مثله . يُعتبر أحد الأساطين في الكتابة و له مدرسته الخاصة و لمسته التأثيرية ، و هو أحد الكتاب القلائل الذين يشار أليهم بأسمائهم الأولى مثل الأنجليزي هـ . ج . ويلز Herbert George Wells و الأسكتلندي ر . ل . ستيفنسون Robert Louis Stevenson .


ولد هوارد عام 1890 ، ابوه كان صائغ مجواهرات . في الثالثة من عمره تم حجز ابوه في مصحة عقلية و تم رعاية هوارد من قبل والدته و اثنين من خالاته و جده لأمه . جده كان رجل اعمال متنقل و محب للشعر و له العديد من التجارب التي أثارت شغف هوارد الصغير و بالتالي تأثر بجده و أصبح محب للشعر مثله و كان يستمع دائماً لحكايات جده عن قصص الرعب القوطي الكلاسيكية . ما أن اصبح في السادسة حتى بدأ محاولاته في كتابة الشعر . جده ساعده على تنمية موهبته الادبية و شجعه على القراءة و كان اول ما قرأه هو الليالي العربية و نسخة مبسطة من الاوديسا و الإلياذة .

هوارد كان يعاني من العديد من الحالات النفسية الجسيمة ، في الحقيقة العديد من الكتاب الناجحين عانوا من امور عدة في حياتهم و التي أثرت على اعمالهم لدرجة اصبح البعض يقول انه يجب ان يكون الشخص مريضاً لكي يكون كاتب مشهور .

عند الثامنة ترك لوفكرافت المدرسة و بدأ اول محاولاته الكتابية القصصية عن طريق مجلة دورية يقوم هو بطباعتها بنفسه و ذلك عند سن التاسعة . بعد ذلك عاد للدراسة .

هوارد كان يعاني بمرض نادر يسمى Terror Nights و هو مرض يصيب ضحاياه اثناء النوم و يجعلهم يتخيلون انه تتم مهاجمتهم عن طريق مخلوقات مخيفة و يبدو – للمرة الثانية – هذا جلياً في اعماله .

في عام 1809 بدأ هوارد نشر بعض المحاولات الشعرية و التي جذبت انظار النقاد و ذاع صيته حتى وصل إلى إدوارد داس ، رئيس اتحاد الكتاب الهواة الامريكيون آنذاك و الذي دعا هوارد للانضمام لهم . حتى مع النجاح الذي احاط به كان هوارد منعزل عن الناس و انطوائي لا يحتك بأحد سوى بوالدته حتى جاء العام 1919 عندما توفيت والدته بعد معاناة مريرة مع الهستيريا و الاحباط .

بعدها بعدة اسابيع حدث ما يٌعتبر نقطة تحول في حياة لوفكرافت و هو تعرفه على سونيا جرين تاجرة القبعات . سونيا جرين هي اوكرانية يهودية و اكبر من هوارد بسبع سنوات . في عام 1924 تم زاوج الاثنين و يبدو ان حظ لوفكرافت السئ أثر على زوجته حيث أفلس متجرها و عانت من مشاكل صحية سيئة قررت بعدها ان تترك زوجها و تعيش بعيداً عنه . سونيا قبل أن تتعرف على هوادر كانت على علاقة مع المشعوذ اليهودي الشهير أليستر كراولي صاحب مذهب التيلمود و منه سمعت الكثير من الاساطير الشرقية المتعلقة بالسحر و الشعوذة و الذي كان له أثر كبير في قصص زوجها هوارد .

كل هذا و أكثر كان له الاثر الاكبر على أعمال لوفكرافت التي تميزت بالسوداوية و الخوف حيث أن اغلب اعماله تدور حول خطر مجهول يهدد البشرية و عن عوالم اخرى يعيش فيها كائنات مخيفة . بالطبع ، إذا جاء ذكر لوفكرافت لابد و أن يجئ ذكر عبدالله الحظر ، الشاعر اليمني المجنون و الشخصية التي ابتكرتها قريحة هوراد .

نأتي هنا لنقطة مهمة في أعمال لوفكرافت ، كل اعماله له خفايا و مضامين نستطيع القول عنها انها مبهمة و غريبة ، في قصصه رموز خفية و اشعار غامضة قد تبدو للوهلة الاولى انها تأتي من ضمن سياق القصة و لكن العديد من الخبراء أكدوا ان معانيها تتجاوز ذلك بكثير بل ذهب البعض بعيداً و قال ان لوفكرافت فعلاً كان على اتصال مع العوالم الاخرى التي ذكرها مراراً في كتاباته !

لوفكرافت له العديد من القصص القصيرة التي فُقد بعضها ، صحيح ان غالبية قصصه لا يأتي ذكرها دائماً و لكن يكفي انه أسس مدرسته الخاصة أو بالاحرى عالمه الخاص .

عام 1924 شهد ابتكار أحد أهم أيقونات الرعب على الاطلاق ألا وهو النيكرونوميكون Necronomicon و هو كتاب الموتى و الذي جاء ذكره مراراً في قصص لوفكرافت و لكن تم الكتابة عنه بشئ من التفصيل في قصة The Hound و فيها ذُكر ان الكتاب مرتبط بشخصية خيالية اخرى ألا و هي عبدالله الحظرد و الذي جاء ذكره لاول مرة في قصة “المدينة التي بلا اسم The Nameless City و التي فيها يقابل الحظرد الكيانات القديمة أو The Old Ones و منهم يتعلم طريقة قراءة كتاب النيكرونوميكون . كل هذا دعم نظرية ان لوفكرافت كان على اتصال مع عوالم اخرى .

و كأن لوفكرافت يثبت انه عبقري مريض حيث كرر نجاح تيمة الرعب في عام 1926 حيث نشر قصته نداء كثولو The Call of Cthulhu، احد القصص الاسطورية الخالدة في عالم الرعب و التي أثرت على الكثير جداً من الكتاب المعاصرين و التي تعتبر علامة فارقة و خالدة في ادب الرعب إجمالاً .

طبعاً مدرسة لوفكرافت أثرت على الكثير و على رأسم الاسطوري ستيفن كينج الذي قال عن لوفكرافت انه اعظم من كتب عن الرعب في القرن العشرين . لوفكرافت نفسه اعترف انه ايضاً متأثر بأحد اهم كتاب و شعراء الرعب قاطبة ألا و هو مواطنه الامريكي إدجار الان بو .

في عام 1937 توفي هوارد جراء مرض السرطان تاركاً وراءه ما يربو عن المائة قصة قصيرة و العديد من الأيقونات الخالدة في عالم الرواية و الرعب .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق