السبت، 15 يناير 2011

دراما ... خليجية !

المسلسلات الدرامية الخليجية !

لا أدري من اين أبدأ بالحديث عنها و لكني أعتقد أن أحد أهم أسباب ارتفاع ضغط الدم و إضطرابات القولون و إنخفاض السكر لدى الشعب الخليجي هو المسلسلات الخليجية . لماذا اقول هذا ؟ قبل ان أجيب دعوني أحكي لكم "سالفة"

أذكر ذات مرة أني شاهدت مسلسل خليجي – و لا أعلم لماذا – و كان ما شاهدته هو ....

المشهد كان كالتالي:

الساعة: الثالثة فجراً

المكان : أحد البيوت الفخمة جداً و التي تذكرنا بالقصور أو الـ mansions في الريف الأنجليزي و المملوكة للورد ثاكري أو الكونت بيلوجيل .

المشهد : هناك امرأة جالسة و بكل زيتنها في بهو الـ mansion تروح و تجيئ بلا هوادة ، و أقول بكل زينتها لأن الساعة كانت الثالثة فجرأ و كانت الأخت تحاول أن تبدي أعتى علامات القلق على وجهها و لكن الأصباغ حالت دون ذلك، تكلف هائل في الزينة جعل وجهها شبيه بوجوه محاربي الهنود الحمر Apache حين يشنون غاراتهم. لمدة دقيقتين كانت تروح و تجيئ و كأن المخرج يعتقد أن هذه هي قمة الترقب حتى أعلنت ساعة الـ Mansion انها الثالثة فجراً هنا سمعت المرأة صوت باب يُفتح فألتفتت نحو الباب و على وجهها كل علامات الـ ... الـ ... الـ لاشئ . فعلاً لا شئ ! ربما كانت الأصباغ السبب ... لا أعلم .

المهم ، فُتح الباب ليدخل منه رجل يترنح في حركته بينما "شماغه" على كتفه و "الطاقية" تغطي نصف رأسه . ما أن أغلق الباب خلفه حتى صاحت المرأة بصوت رفيع خالي من أي نبرة : حمدالله على السلامة ... ما بغيت تجي !

الرجل لم يعيرها أي انتباه إنما ألقى عليها نظرة المفترض ان تكون نارية ثم خطا للأمام نحو المرأة التي صاحت بصوتها الآلي الخالي من الإنفعالات : وين رايح أنا لسه ما خلصت كلام .

المشكلة ان الرجل لكم يكن ينوي الذهاب لأي مكان لكن... فلسفة المخرج.

وش تبين ؟

كذا صاح الرجل ، فقط صاح .

- وينك ؟ كل هالحزة انا ناطرتك و في الاخير تعطيني ظهرك و بتروح لدارك بدون ما تقولي أي شي

- سمعي ... انا تعبان و مافيني حيل اتكلم

(يا سلام على الحوار ، ذكرني بحوار أفلام هونج كونج إبان السبعينات)

بعدها قرر الرجل ان يتجاهل المرأة و ما أن "أعطاها ظهره" حتى امسكت بتلالبيب ثيابه لدرجة ألتفت معها الرجل و على وجهه امارات الغضب المتكلف. دقيقة كاملة مرت و الرجل يحدق في وجه المرأة الآلي ثم :

انتي مجنونة ... كيف تتجرأين و تسوين كذا .

المرأة وضعت يدها على أنفها و قالت و علامات القرف بادية على وجهها هذه المرة : انا سألتك ... ليش ما ترد علي

دقيقة اخرى . موسيقى لا علاقة لها بالحدث في الخلفية ثم صوت نسائي من الخلف و من على السلم بالتحديد يصيح :

وش فيكم ... وش ذا الصياح ... أنا من الدور الثالث سامعة هواشكم !!

بغض النظر انه لم يكن هناك أي "هواش" و بغض النظر عن ذكر كلمة الدور الثالث التي أن دلت على شئ إنما معناه أننا أثرياء نعيش في Mansion إنما المهم هو هذا الوجه الجديد ، وجه ملطخ بالأصباغ ( و لاحظوا ان الساعة كانت الثالثة فجراً ) لدرجة أعتقدت معها ان الأصباغ ماهو إلا قناع تضعه نساء هذا المسلسل كما يضع باتمان – مع الاعتذار لمحبيه – قناعه .

- مالك شغل .. روحي دارك يلا ؟ كذا صاح الرجل بغضب و الذي بدا جلياً أنه يجيد أداءه

- لا ليش تروح ... خلها تشوف اخوها وش يسوي و كيف وضعه و ليش هو متأخر و مايجي إلا انصاف الليالي .

(اقسم انني سمعت هذه العبارة الركيكة حرفياً .)

- شنهو !!

كذا صاح الرجل الذي فعلاً أثبت انه "صياح" ماهر و هو يلتفت للمرأة الأولى ثم رفع سبابته أمام وجهها الخالي من المشاعر و الملئ بالاصباغ و حركه بتهديد قائلاً :

- شوفي يا ....

هنا استوقفته الفتاة الثانية صائحة أن : لا

( يبدو لي أن المسلسل عبارة عن بطولة في الصياح)

و أكملت وهي تخطو للأسفل بإتجاه الرجل صياحها قائلة : انا ما أسمحلك انك تغلط عليها !!!

أنا هنا ارتفع الدم إلى قمة رأسي ! ربما كان الرجل يريد مناداتها بأسمها ، ربما أراد نعتها بصفة مثل ذكية ، فاهمة الخ ...لكن المخرج "الذكي" أفتعل هذا الموقف ليرينا أن الرجل كاد أن ينعت المرأة بصفة مشينة لكن و بحركة إخراجية بارعة أوقف ذلك !!!

ببطء شديد التفت الرجل للمرأة الثانية و فتح فاه " ليصيح طبعاً " و لكن هذا المرة لم تستوقفه صيحة إنما أستوقفه صوت هادر من الاعلى قائلاً بزمجرة: أي نعم ما اسمحلك انك تغلط على مراتك .

أتسعت عينا الرجل خوفاً و تعلقت بأعلى السلم لدرجة توقعت معها أن الكونت دراكيولا بنفسه سيشرف المسلسل و لكن الذي ظهر هو رجل كبير في السن يخطو بثقة للأسفل تتبعه مرأة عجوز يبدو أنها كومبارس كويس.

- يبه ... انت صاحي !! كذا قال الصياح

أي نعم صاحي .. و ما اسمح لأي احد يغلط على الثاني طول ما راسي يشم الهوا ؟

كذا قال الرجل كبير السن الذي عرفنا أنه هو ابو الصياح و هو ينظر له بإزدراء

الان عرفنا تقارب الشخصيات بعد جهد جهيد . نزل الشيخ الطاعن و هو يزمجر بجاعورته مكملاً :

انا ماني مستعد كل يوم اتحمل ذا الشي ، ولدي كل يوم يجي البيت بعد انصاص الليالي سكران !

هنا انطلقت ثلاث شهقات من حلوق النسوة و كأنهم عرفوا الموضوع لأول مرة و كأن ترنح الرجل في البداية و وضع المرأة التي هي زوجته ليدها على أنفها بقرف اثناء المحادثة لم تكن أدلة واضحة .

- هذه حياتي و انا حر فيها .

قال هذا الرجل الذي هو ابن الرجل كبير السن و هو "يعطيه ظهره" (يبدو لي أن إعطاء الظهر هو علامة مسجلة للمسلسلات الخليجية) . هنا لم يتحمل الرجل كبير السن ما قاله ابنه فما كان منه إلى أن نادى ابنه باسم فالتفت هذا الاخير لأبيه و...

سسسسسطرررراح .....

صفعة على وجه الابن تلتها ثلاث شقهات من الزوجة ، المرأة الثانية مجهولة الدور و من الكومبارس الكويس . ( يبدو لي ان الصفعة شيئ مهم جداً في الدراما الخليجية و المخرج الذي لا يلتزم بذلك يُعاقب بالسجن خمس سنوات بالإضافة إلى خمسين الف صفعة على "قفاه" )

الأبن و بعيون مستنكرة ينظر لأبيه الذي بادله النظرات ، دقيقة كاملة تدور فيها الكاميرا على وجوه مليئة بالمساحيق ثم بعدها يعطي الابن ابيه "ظهره" للمرة الثانية و يغادر المنزل و ما أن انغلق الباب حتى أمسك الأب جانب صدره الايمن (أي والله) و سقط مغشياً عليه ليصيحوا النسوة صياحاً رفيعاً و أغلق انا جهاز التحكم عن بعد .


تكلف في الانتاج ابتداءٍ من المنزل و إنتهاءً بالمساحيق و الأصباغ ، سوء في الأداء و ابتذال في التمثيل و الفكرة و ما أدراك ما الفكرة . دائماً نفس الفكرة و أن تعددت المسارات .

الأب هو رجل أعمال لا يرعى أسرته و يمر بأزمة منتصف العمر ، الأم حياتها محصورة لدي صديقاتها و بالحفلات التي يكادوا ينافسون فيها باريس هيلتون . الابن واقع في براثن المخدرات ، الفتاة المراهقة التي تنحرف ، و في النهاية لا بد من موت أحدهم ليعم الحزن على الجميع .

هذه هي أفكار الدراما الخليجية بإختصار التي أن اثبتت شئ إنما هو أن كتابها مؤلفوها يتمتعون بذكاء الصراصير هذا وناهيك عن نقل صورة مشوهة للمجتمع الخليجي للاسف.


هناك تعليقان (2):

  1. لم اكف عن الضحك خلال قراء هذه التدوينة , لكن بالفعل الدراما الخليجية والكوميدية الخليجية بشكل عام سيئة وتنحدر إلى الأسواً كل عام !!

    نسيت أن لازم يكون فيه مشهد "أمرأة تفكر في درج واسع وفخم والمخرج لازم يقرب الصورة على وجهها لجعلنا نترقب معها " أو " الأمرأة الفقيرة العائشة في قصر فخم " ..

    ردحذف
  2. لول جبتها في الجرح , كل المسلسات تمشي على نفس الوتيره (قصر ضخم- امرأه متزينه لاقصى درجه في اي وقت واي زمان - رجل سكران - خينات - حياة بائسه - واحده تكون شريره-شخصيه تكون طيبه للاخر ...الخ )
    وغير كل اللي ذكرته المسلسات الخليجيه تتفوق في "التمطيط" فعلا الحوار كله على بعضه دقيقتين وبعدين يجلس يصور لنا البيت مع ذلك اللحن الحزين او مايماثله , بحيث ان 45% من المسلسل تصوير للبيت والسيارات ! شوف ان مش خليجي ولكن مافي اي مسلسل خليجي شدني الا مسلسل طاش ماطاش وايضا مسلسلات الكويت القديمه حيث انها مكان لاظهار الابداع الخيلجي في التمثيل

    واحييك على التدوينه الجميله هذي ^_^

    ردحذف